responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 12  صفحه : 465
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ:
رُوِيَ أَنَّ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا أَرَادَ الدُّعَاءَ لَبِسَ صُوفًا، ثُمَّ قَالَ: اللهم أَنْزِلْ عَلَيْنَا فَنَزَلَتْ سُفْرَةٌ حَمْرَاءُ بَيْنَ غَمَامَتَيْنِ غَمَامَةٌ فَوْقَهَا وَأُخْرَى تَحْتَهَا، وَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْهَا حَتَّى سَقَطَتْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ فَبَكَى عَلَيْهِ السَّلَامُ وَقَالَ: اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنَ الشَّاكِرِينَ اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا رَحْمَةً وَلَا تَجْعَلْهَا مُثْلَةً وَعُقُوبَةً، وَقَالَ لَهُمْ لِيَقُمْ أَحْسَنُكُمْ عَمَلًا يَكْشِفُ عَنْهَا وَيَذْكُرُ اسْمَ اللَّه عَلَيْهَا وَيَأْكُلُ مِنْهَا. فَقَالَ شَمْعُونُ رَأْسُ الْحَوَارِيِّينَ: أَنْتَ أَوْلَى بِذَلِكَ، فَقَامَ عِيسَى وَتَوَضَّأَ وَصَلَّى وَبَكَى ثُمَّ كَشَفَ الْمِنْدِيلَ. وَقَالَ: بِسْمِ اللَّه خَيْرِ الرَّازِقِينَ، فَإِذَا سَمَكَةٌ مَشْوِيَّةٌ بِلَا شَوْكٍ وَلَا فُلُوسٍ تَسِيلُ دَسَمًا. وَعِنْدَ رَأْسِهَا مِلْحٌ وَعِنْدَ ذَنَبِهَا خَلٌّ، وَحَوْلَهَا مِنْ أَلْوَانِ الْبُقُولِ مَا خَلَا الْكُرَّاثَ وَإِذَا خَمْسَةُ أَرْغِفَةٍ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهَا زَيْتُونٌ وَعَلَى الثَّانِي عَسَلٌ، وَعَلَى الثَّالِثِ سَمْنٌ، وَعَلَى الرَّابِعِ جُبْنٌ، وَعَلَى الْخَامِسِ قَدِيدٌ، فَقَالَ شَمْعُونُ: يَا رُوحَ اللَّه: أمن طعام الدنيا أمن طَعَامِ الْآخِرَةِ؟ فَقَالَ: لَيْسَ مِنْهُمَا وَلَكِنَّهُ شَيْءٌ اخْتَرَعَهُ اللَّه بِالْقُدْرَةِ الْعَالِيَةِ كُلُوا مَا سَأَلْتُمْ وَاشْكُرُوا يُمْدِدْكُمُ اللَّه وَيَزِدْكُمْ مِنْ فَضْلِهِ، فَقَالَ الْحَوَارِيُّونَ: يَا رُوحَ اللَّه لَوْ أَرَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ آيَةً أُخْرَى فَقَالَ يَا سَمَكَةُ احْيَيْ بِإِذْنِ اللَّه فَاضْطَرَبَتْ، ثُمَّ قَالَ لَهَا عُودِي كَمَا كُنْتِ فَعَادَتْ مَشْوِيَّةً، ثُمَّ طَارَتِ الْمَائِدَةُ ثُمَّ عَصَوْا مِنْ بَعْدِهَا، فَمُسِخُوا قِرَدَةً وخنازير.

[سورة المائدة (5) : آية 116]
وَإِذْ قالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قالَ سُبْحانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ (116)
[في قوله تعالى وَإِذْ قالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ] فيه مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ إِذْ قالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ [المائدة: 110] وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ فَهَذَا الْكَلَامُ إِنَّمَا يَذْكُرُهُ لِعِيسَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: إِنَّهُ تَعَالَى قَالَ هَذَا الْكَلَامَ لِعِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ حِينَ رَفَعَهُ إِلَيْهِ وَتَعَلَّقَ بِظَاهِرِ قَوْلِهِ وَإِذْ قالَ اللَّهُ وإذ تُسْتَعْمَلُ لِلْمَاضِي، وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَصَحُّ، لِأَنَّ اللَّه تعالى عقيب هَذِهِ الْقِصَّةَ بِقَوْلِهِ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ [الْمَائِدَةِ: 119] وَالْمُرَادُ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَأَمَّا التَّمَسُّكُ بِكَلِمَةِ إِذْ فَقَدَ سَبَقَ الْجَوَابُ عَنْهُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: فِي قَوْلِهِ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ سُؤَالَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ الِاسْتِفْهَامَ كَيْفَ يَلِيقُ بِعَلَّامِ الْغُيُوبِ. وَثَانِيهِمَا: أَنَّهُ كَانَ عَالِمًا بِأَنَّ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ فَلِمَ خَاطَبَهُ بِهِ؟
فَإِنْ قُلْتُمُ الْغَرَضُ مِنْهُ تَوْبِيخُ النَّصَارَى وَتَقْرِيعُهُمْ فَنَقُولُ: إِنَّ أَحَدًا مِنَ النَّصَارَى لَمْ يَذْهَبْ إِلَى الْقَوْلِ بِإِلَهِيَّةِ عِيسَى وَمَرْيَمَ مَعَ الْقَوْلِ بِنَفْيِ إِلَهِيَّةِ اللَّه تَعَالَى فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يُنْسَبَ هَذَا الْقَوْلُ إِلَيْهِمْ مَعَ أَنَّ أَحَدًا مِنْهُمْ لَمْ يَقُلْ بِهِ.
وَالْجَوَابُ: عَنِ السُّؤَالِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ اسْتِفْهَامٌ عَلَى سَبِيلِ الْإِنْكَارِ.
وَالْجَوَابُ: عَنِ السُّؤَالِ الثَّانِي أَنَّ الْإِلَهَ هُوَ الْخَالِقُ وَالنَّصَارَى يَعْتَقِدُونَ أَنَّ خَالِقَ الْمُعْجِزَاتِ الَّتِي ظَهَرَتْ عَلَى يَدِ عِيسَى وَمَرْيَمَ هُوَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ وَمَرْيَمُ واللَّه تَعَالَى مَا خَلَقَهَا الْبَتَّةَ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَالنَّصَارَى قَدْ قَالُوا إِنَّ خَالِقَ تِلْكَ الْمُعْجِزَاتِ هُوَ عِيسَى وَمَرْيَمُ واللَّه تَعَالَى لَيْسَ خَالِقَهَا، فَصَحَّ أَنَّهُمْ أَثْبَتُوا فِي حَقِّ بَعْضِ الْأَشْيَاءِ كَوْنَ عِيسَى وَمَرْيَمَ إِلَهَيْنِ لَهُ مَعَ أَنَّ اللَّه تَعَالَى لَيْسَ إِلَهًا لَهُ فَصَحَّ بِهَذَا التَّأْوِيلِ هَذِهِ الْحِكَايَةُ وَالرِّوَايَةُ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: قالَ سُبْحانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ أَمَّا قَوْلُهُ سُبْحانَكَ فَقَدْ فَسَّرْنَاهُ فِي قَوْلِهِ سُبْحانَكَ لَا عِلْمَ لَنا [الْبَقَرَةِ: 32] .

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 12  صفحه : 465
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست